-->
تسجيلات زمان تسجيلات زمان

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

يوسف المنيلاوي (1847-1911)

Yussef-al-Manialawi يوسف المنيلاوي (1847-1911)

لا نعلم على وجه التّحقيق مكان ولادة المنيلاوي وتاريخها، إذ تشير بعض المصادر إلى أنّه ولد بجزيرة منيل الرّوضة بالقاهرة، واختُلف في تحديد تاريخ ولادته بين سنتي 1843 و1850 ؛ وتشير نفس المصادر إلى أنّه وُلِد في أسرة ريفيّة وأنّه كان يملك عقارات لا يستهان بها في الجزيرة المذكورة (الّتي بقيت منطقة زراعيّة حتّى أواسط الخمسينات)، بينما يستفاد من مصادر عائليّة أنّ أصل الأسرة يعود إلى بلدة مطاي بمحافظة المِنيا أو طما من محافظة سُوهاج (بين أسيوط وسوهاج)  وأنّ يوسف خفاجة قد يكون وُلِد بها على الأرجح عام 1847  ثمّ رحل مع والده إلى إحدى ضواحي جنوب القاهرة آنذاك وهي المنيل الّتي بها مقياس النّيل الشّهير حيث انتقل والده للزّراعة هناك في أرضٍ اشتراها. وعندما اشتغل يوسف بتجارة القصدير، إذ لم ترُقه الزّراعة، وبلغ فيها شأناً لا بأس به، عُرِف بين المتعاملين في هذا المجال بالمنيلاوي نسبةً إلى المكان الّذي يسكنه. تعلّم المنيلاوي تعليما أزهريّا مثل جميع أبناء الأُسَر الميسورة من أبناء جيله وحفظ القرآن كاملا ودرس الفقه والسّيرة والتّجويد ثمّ تعلّم الإنشاد على عدد من الشّيوخ من أهمّهم الشّيخ خليل مِحرِم والشّيخ عبد الرّحيم المسلوب الّذي لحّن الكثير من الأدوار في صيغتها “البدائيّة”. واستهوته الطّرق الصوفيّة فالتحق بالطّريقة الليثيّة (وهو ما يؤكّده أيضا عزّ العرب علي) قبل بلوغه العشرين، وهي طريقة تنتسب إلى التّابِعيّ اللّيث بن سعد، وهو أستاذ الإمام الشّافعيّ ومدفَنه إلى جوار مدفن الإمام الشّافعيّ بالقاهرة، وله مقام هناك. وكانت الطّريقة اللّيثيّة شائعة في القاهرة في القرن التّاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وهي طريقة لم تكن تكتفي في حلقات ذكرها بالذّكر الجماعيّ وتلاوة القرآن، بل كانت تلك الحلقات تشمل إنشاد الوصلات الإنشاديّة بما فيها من موالد وردود وتواشيح وابتهالات وقصائد. وكان أحدُ من أخذ عنهم المنيلاوي الشّيخ خليل مِحرِم نقيب المنشدين بالقاهرة. ترك المنيلاوي الإنشاد الدّينيّ مثل الكثيرين غيره من أتباع الطريقة ليلتحق بمدرسة الغناء الدنيويّ الحَضَرِيّ المتقن التي كانت لا تزال في طور النشأة برعاية البلاط، وأصبح مطرباً للخاصّة واكتسى هالة أسطوريّة بين أقرانه. وكان من البديهيّ أن يكون لِمطرب نخبويّ حريص على جودة ما يقدّمه من أعمال مثل المنيلاوي إسهامٌ عظيمٌ في النّهضة الموسيقيّة أواخر القرن التّاسع عشر بفضل منزلته وصوته السّاحر. وقد أوفده الخديوي توفيق سنة 1877 مع الحمولي إلى الأستانة لصقل موهبتهما من خلال الاحتكاك بموسيقى البلاط العثمانيّ وعرض ما وصلت إليه الولاية المصريّة من منجزات موسيقيّة على السّلطان عبد الحميد.

وقد يسّر له صديقه السّيوفي باشا الحصول على احتكار تجارة القصدير في القاهرة، وهي تجارة محترمة سمحت للمنشد أن يعتبر الغناء مجرّد مصدر دخل إضافيّ. وأغلب الظّنّ أنّ دخل المنيلاوي من الغناء لم يفق دخله من نشاطه التجاريّ إلاّ بعد حلول شركات الأسطوانات.

وكان من حظّ يوسف المنيلاوي أنّه شهد ظهور الفونوغراف. وهكذا كان أبو حجّاج من أوائل الذين سُجِّلَت لهم أسطوانات في تاريخ الموسيقى العربيّة، فقد سجّل بدايةً ثلاثين أسطوانة حوالي سنة 1905، وكانت أسطوانات رديئة تقنيّاً، وأنتجتها شركة “بيكا” الألمانيّة لحساب محلاّت “أوروسدي” التجاريّة تحت شعار “سمع الملوك”. ثمّ دفعت له شركة “غراموفون” البريطانيّة مبلغاً خياليّاً قدره ستّة آلاف جنيه بالإضافة إلى علاوة قدرها عشرة قروش عن كلّ أسطوانة تُباع ليسجّل لها ستّين أسطوانة ذات وجهيْن بين سنتيْ 1906 و1911. والقِطَع المسجّلة هي أجزاء من الوصلة، صاحَبَ المنيلاوي في أدائها محمّد العقّاد (1849-1930) على القانون، وإبراهيم سهلون (1858-1920) أو سامي الشوّا (1889-1965) على الكمان، وعلي صالح على النّاي وعازف عود أحيانا بالإضافة إلى الرّقّ. وقد كان اسم يوسف المنيلاوي يتصدّر كاتالوجات شركة “غراموفون” سنة 1930 باعتبار عدد الأسطوانات المُباعة.

صوت يوسف المنيلاوي هو شاهدٌ فريدٌ على سنّة بديعة ؛ فهو من الآثار القليلة التي بقيت لنا من الحركة الفنيّة الزاهرة التي شهدها الشّرق الأوسط في منعطف القرن. ومع أنّ المنيلاوي لم يلحّن أيّ دور، فقد كان في أدائه للأدوار يفسح مجالاً واسعاً لعبقريّ الارتجالات ويوشّح أدواره بألحان من صميم قريحته فيجعلها من بدائع الأعمال، ممّا جعله يشتهر كأحد أهمّ زعماء المدرسة الخديويّة. وكان المنيلاوي فنّاناً لاهياً يتوسّع في أكثر الأجزاء حيويّة وجَذَلاً في الأدوار. كما كان هانئ البال صافي المزاج يؤدّي ألحانه بدقّة، فلا مجال عنده للتّكرار المحض. كذلك كان يفصح عن لواعجه أثناء غناء القصائد مطلقاً العنان لصوته في مواضع لطيفة معلومة.

كاتب الموضوع

تسجلات زمان

0 تعليق على موضوع : يوسف المنيلاوي (1847-1911)

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات



    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    تسجيلات زمان

    2017