" رحاب الهدى يا منار الضياء، سمعتك في ساعة من صفاء، تقول أنا البين ظل الإله، وركن الخليل أبي الأنبياء، أنا البيت قبلتكم للصلاة، أنا البيت كعبتكم للرجاء، فضموا الوجوه وولوا الوجوه، الى مشرق النور عند الدعاء"
مقدمة واحدة من روائع الأغنيات الدينية التي شدت بها كوكب الشرق أم كلثوم، وكتب كلمات القصيدة الشاعر صالح جودت، الذي ولد في 12 ديسمبر 1912 وعمل عقب تخرجه من كلية التجارة مراسلا صحفيا لمجلة "صباح الخير" ثم عمل في الإذاعة المصرية ثم رئيسا لتحرير "مجلة الراديو" وشارك في انشاء إذاعة صوت العرب في 4 يونيو 1954، كما عمل في صحيفة الاهرام، ثم في دار الهلال التي عمل مديرا ثم رئيسا للتحرير ونائبا لمجلس ادارتها، وتوفي 1972.
لحنها رياض السنباطي الذي اتسم لحنه لها بالعمق الدرامي والتحريض، وشدت بها أم كلثوم في 25 نوفمبر 1972 وجاءت ضمن برنامجها الذي اتبعته بعد هزيمة 5 يونيو 1967 باللجوء الى الأغنيات الدينية والقصائد الى جانب الوطنية وذلك لتخفيف ما وقع الهزيمة.
قال المؤرخ وجيه ندا، ان للشاعر صالح جودت حكاية عجيبة مع أم كلثوم، وأنها بدأ بينهما من قبل أن تلتقي بكلمات أشعاره، حيث كانت أم كلثوم سببا مباشرا في تقلده لقب "الأستاذ الكبير" وهو لا يزال طالبا في الخامسة عشرة من عمره في مدرسة المنصور الثانية، حيق قرأ ذات مرة مقالا في مجلة "مجلة الصباح" للكاتب محمد عبد الرزاق، وكان من كبار الصحفيين في ذلك العهد يهاجم فيه أم كلثوم هجوما قاسيا، فشحذ صالح قلمه الصغير وكتب مقالا دافع فيه عنها، وبعث به الى المجلة على امل ضئيل في نشره،
وفوجئ بنشره بعنوان كبير وفي أسفله كتب "الأستاذ الكبير" صالح جودت "حبيب الشعب" أشار الى أن عذوبة ورقة وتفرد وتميز كلماته أهلته لاحقا ليكون في عداد الشعراء العرب المعاصرين الذي تركوا بسمات واضحة في عالم الشعر، وان هذه المكانة كانت في الأصل هي الدافع الحقيقي نحو اختيار أم كلثوم لكلمات من اشعاره لتشدو بها، سواء في مجال القصيدة الدينية او الوطنية، حيث غنت له العام 1967 قصيدة "حبيب الشعب" وشدت بها بعد أن اعلم عبد الناصر الاستقالة، وفي سنة 1972 شدت "الثلاثية المقدسة" وكشف عن أن التعديلات اللغوية أو الكلمات التي طلبت ام كلثوم من صالح جودت تعديلها أو تغييرها في القصيدة بلغت 13 كلمة، ومنها "رأيتك" في البيت الأول التي استبدلتها ب"يا ضياء الحرم" "يا حديث الحرم" و "يطلع النور" بدلا من "يشرق النور" واختارت كلمة "وحدتها" بدلا من "عزتها" وغيرت كلمة "بالإيمان" بدلا من "بالقوة" واختارت في نهاية القصيدة كلمة "الشهداء" بدلا من "السعداء" و"مهبط" بدلا من "ساحة" و "الفجر" بدلا من "الصبح".
0 تعليق على موضوع : حكاية أغنية الثلاثية المقدسة
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات