يونس شلبي اعتزل مبكرا بعد أن داهمه المرض ...عانى من التهميش وتجاهل زملائه

الفنان يونس شلبي هو ملك الأداء السهل الممتنع، وأستاذ الارتجال على خشبة المسرح، فقد تتميز أدائه بخفة الظل والتلقائية الشديدة، وساعدته في ذلك ملامح وجهه الطفولية وابتسامته التي تدخل البهجة والسعادة على قلوب المشاهدين، مما جعلته علامة مميزة في تاريخ الفن العربي، من خلال أعماله الفنية التي تخطى عددها 178 عمل فني ما بين السينما والتلفزيون والمسرح، رغم كل هذه النجاحات والشهرة الواسعة التي حققها، إلا إن نهايته كانت حزينة وموجعة، بعد ما تعرض الفنان الراحل “يونس شلبي” في أواخر أيامه للعديد من الأزمات، وهو ما سنتعرف عليه في السطور القادمة.

اسمه الكامل “يونس علي يوسف شلبي”، ممثل كوميدي مصري، ولد في 31 مايو عام 1941 في ميدان الطميهي بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، توفي والده وهو طفل في الثالثة من عمره وله شقيقتين تزوجا، فإنتقل “يونس شلبي” مع والدته إلى القاهرة وعاش معها، والتحق بكلية التجارة جامعة عين شمس، وكان يعمل أثناء الدراسة الجامعية في قسم الحسابات بمستشفى أبو الريش لكي يساعد أسرته على المعيشة، حتى تخرج من الجامعة وحصل على بكالوريوس التجارة، ليلتحق بعد ذلك بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج من قسم التمثيل في عام 1969.

في أثناء دراسته في المعهد تعرف “يونس شلبي” على الفنانين (حسن مصطفى، عادل إمام، سعيد صالح، أحمد زكى، هادي الجيار) وأصبحوا أشبه بشلة فنية متنقلة، كان يرأسها “عادل إمام” و “سعيد صالح” بحكم أنهم الأكبر سناً، وكان يشغل منصب عميد المعهد وقتها المخرج المسرحي “نبيل الألفي”، الذي بدوره رشحه للعمل معه في بعض الأعمال التي يخرجها،

ليبدأ بعدها “يونس شلبي” أولى خطواته من خلال خشبة المسرح عام 1969، عندما شارك في مسرحية “القاهرة في 1000 عام”، ثم شارك بعدها بدور صغير في مسلسل “أشجان” عام 1970، ليأتي بعد ذلك أهم أدوار حياته على الإطلاق، والذي كان سبباً في شهرته ونجوميته وهو دوره في مسرحية “مدرسة المشاغبين” عام 1970، مع أصدقاء عمره (حسن مصطفى، عادل إمام، سعيد صالح، أحمد زكى، هادي الجيار).

على مدار أكثر من 35 عاماً هي سنوات النشاط الفني للفنان “يونس شلبي”، أمتعنا خلالها بما يقرب من 178 عمل فني ما بين السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أشهر أفلامه في السينما (الكرنك، إحنا بتوع الأتوبيس، شفيقة ومتولي، 4-2-4، العسكري شبراوي، الفرن، محطة الأنس، أمير الظلام)، ومن أشهر مسلسلاته في التلفزيون (عيون، مطلوب عروسة، وكسبنا القضية، عودة الروح)، ومسلسل الأطفال الشهير “بوجي وطمطم”، ومن أهم المسرحيات (مدرسة المشاغبين، العيال كبرت، الواد الجن، الصول والحرامي، الدبابير، آخر كلام)، وكانت آخر أعمال الفنان الراحل “يونس شلبي” مشاركته في مسلسل “سوالف حريم”.

و زوج الفنان “يونس شلبي” في سن متأخر وهو في عمر الـ 45 عاماً، من سيدة من خارج الوسط الفني تصغره بـ 25 عاماً اسمها “سيدة عبد الحميد”، كانت تربطه بها صلة قرابة، وأنجب منها 6 أبناء ولد اسمه “عمر” و5 بنات هم (دعاء، شيماء، هاجر، سارة، أمينة)، وكان لحفل زفاف الفنان “يونس شلبي” موقف غريب وطريف مع زملائه الفنانين، حينما طلب من أصدقائه عدم الحضور إلى حفل زفافه، وقد شرح لهم سر طلبه والسبب أنه قد قام بدعوة الأهل والأقارب فقط،

وإن الطعام الموجود لن يكفي أحد، كما وضح لهم أنه يريد أن يقيم حفل زفافه بشكل بسيط بدون مطربين أو راقصات، وعندما علم الفنان الراحل “سعيد صالح” بهذا الكلام رفضه، وقد وتفاجأ وقتها الفنان “يونس شلبي” في الحفل بحضور كل أصدقائه الفنانين، وعندما شاهدهم شعر بصدمة كبيرة، وأخبرهم أنه لا يوجد طعام لهم يكفيهم، لكنهم تقبلوا الأمر بصدر رحب، وظلوا معه يرقصون ويغنون حتى الصباح طوال الحفل، وفرحوا كثيراً بأنهم شاركوه يوم زفافه.

بدأت معاناة الفنان الراحل “يونس شلبي” مع المرض مبكراً، عندما أصيب بمرض السكري وهو في الـ 30 من عمره، ومع بداية الألفية الجديدة أجرى “يونس” عملية جراحية في “المملكة العربية السعودية”، بعد ما أصيب بأزمات متتالية بسبب ضيق الشرايين، وأجرى أكثر من عملية زراعة شرايين في ساقيه، لكن تطور الأمر سريعاً وتدهورت حالته الصحية أكثر وأصيب بعدة جلطات في المخ والقلب، وأنفق كل ما يملك على علاجه، وفي أحد اللقاءات التلفزيونية معه وقد ظهرت عليه علامات المرض الشديد والجلطة التي تسببت له في الشلل النصفي، حاول “يونس شلبي” أن يبدو متماسكاً ويظهر أمام جمهوره أنه في حال أفضل،

لكن ظلت دموعه تنهمر دون توقف، عندما بدأ يتحدث عن مساعدة نقابة الفنانين له ووزارة الثقافة، كما تحدث عن زملائه الفنانين وقال: “أنا مش زعلان من حد أنا عاذرهم عشان أكيد عندهم شغل واحنا في زمن صعب وكل واحد عنده مسئوليات”، وأضاف “يونس” قائلاً “متشكرين لكل اللي جالي وكل اللي مجاليش”، ليرحل عن عالمنا الفنان الجميل أبو قلب طيب وصانع الضحكة “يونس شلبي” في 12 نوفمبر عام 2007، عن عمر ناهز الـ 66 عاماً، تاركاً خلفه أعمال فنية لا تُنسى.