يرسم الكاتب المصري الراحل محمد التابعي صورة للمطربة أسمهان قائلا انها كانت تسرف في الشراب على نحو لم يعهده في امرأة سواها حتى انها لخصت نفسها بالقول انها لا تستطيع أن ترى الكأس ملآنة ولا تستطيع أن تراها فارغة.
ويقول “كان القدح لا يكاد يوضع أمامها ملآنا حتى تحتسيه وتفرغه إلى آخر قطرة” أما صوتها ففيه حزن يستعصي على الوصف وان استراحت له الاذن لكنه يصف المطربة -التي قيل أن شابين في سوريا والعراق انتحرا حين ماتت- بأنها كانت جذابة لكنها لم تكن جميلة.
ويقول التابعي الملقب بأمير الصحافة المصرية عن أسمهان “كانت فيها أنوثة ولكنها لم تكن جميلة في حكم مقاييس الجمال. وجهها المستطيل وأنفها الذي كان مرهفا أكثر بقليل مما يجب وطويلا أكثر بقليل مما يجب. وفمها الذي كان أوسع بقليل مما يجب وذقنها الثائر أو البارز إلى الامام أكثر بقليل مما يجب.. عيناها كانت كل شيء. في عينيها السر والسحر والعجب... تعرف كيف تستعمل سحر عينيها عند اللزوم.”
ويضيف أنه سمع باسم أسمهان كمطربة ناشئة ولم يبال وحين رآها عام 1931 تغني تركت في نفسه أثرا “أنها شيء صغير نحيل مسكين يبعث على الرحمة في الصدور...ويستحق العطف والرثاء” ولم يسع لسماعها مرة أخرى ثم قابلها لاول مرة عام 1939 في حفل لام كلثوم “المطربة العظيمة” ولم يهتم بها كثيرا باعتبارها “واحدة من كثيرات” ثم زارته في الشهر التالي في بيته بصحبة أخيها فريد الاطرش ومحمد عبد الوهاب وتوثقت الصداقة.
وجمعت التابعي بأسمهان علاقة طويلة يرويها في كتابه (أسمهان تروي قصتها) الذي يقع في 283 صفحة كبيرة القطع وطرحت (دار الشروق) في القاهرة طبعته الجديدة بالتزامن مع عرض مسلسل تلفزيوني عن أسمهان (1912-1944) للمخرج التونسي شوقي الماجري.
والتابعي (1896-1976) أحد رواد الصحافة في مصر وأسس مجلة ( آخر ساعة) عام 1934 وكان ذا أسلوب رشيق وله مؤلفات كثيرة منها كتاب عن أحمد حسنين باشا الذي لعب دورا سياسيا في ظل الملك فاروق. ووصفه الكاتب محمد حسنين هيكل في مقدمة كتاب (أحمد حسنين باشا) قائلا ان التابعي “كان ظاهرة مستجدة على العلاقة بين الصحفي والامير ولذلك كان احتمال الخلط واردا. فقد كتب التابعي عن الملك فاروق وعن (أمه) الملكة نازلي وعن أحمد حسنين وعن غيرهم من موقع المعايشة وفي بعض المشاهد فانه هو نفسه كان جزءا من الصورة. وكان المأزق في تجربة التابعي أنه وهو يعايش الامراء تصور أن يجاري الامراء بظن أنه ليس أقل منهم ولم يكن بالفعل أقل منهم بل لعله كان أفضل فهو أمير بالقيمة والآخرون -ودون تعميم- أمراء بالالقاب.”
ويتناول كتاب (أسمهان تروي قصتها) حياة آمال الاطرش أو ايميلي الاطرش وهو اسمها الحقيقي الذي كانت توقع به عقود الاعمال. أما أسمهان فهو اسم شهرة أطلقه عليها الموسيقي المصري داود حسني (1871-1937) وكيف استطاعت في زمن قياسي أن تكتب اسمها في سجل الاغنية العربية بجوار أسماء في وزن أم كلثوم وليلى مراد مع فارق أنها ظلت المطربة الاكثر اثارة للجدل في حياتها وبعد وفاتها في حادث سيارة في الطريق إلى مدينة رأس البر الساحلية المصرية اضافة إلى علاقاتها الخاصة وزواجها من رجال بارزين في عالم الفن والصحافة والسياسة.
ورغم تلك العلاقات والزيجات وبخاصة بالمخرجين المصريين أحمد بدرخان وأحمد سالم فان التابعي يروي أن علياء المنذر أم أسمهان قالت له ان ابنتها لا تعرف الحب “عمرها ما أحبت رجلا ولن تحب.. صدقني فأنا أعرف الناس بايميلي.”
ويسجل التابعي أن أسمهان كانت معجبة كثيرا بعبد الوهاب مطربا وملحنا “أما في مجلس العشق والغزل فانه شيء آخر. شيء لا يعجب ولا يفتن. أبدا لم يعجبني” في اشارة إلى عبد الوهاب.
وشاركت أسمهان في بطولة فيلمي (انتصار الشباب) 1939 و(غرام وانتقام) 1944 ولحن لها موسيقيون بارزون منهم محمد القصبجي (1892-1966).
ويبدي التابعي أسفه على صوتها الذي يقول انه كان كفيلا بأن “تبهر به الدنيا لو أنها عرفت كيف تحكم نفسها وتعيش كما تعيش المطربة أو كما يجب أن تعيش” بعيدا عن التدخين والشراب.
0 تعليق على موضوع : هكذا تحدث الصحفي الكاتب المصري محمد التابعي عن اسمهان الأطرش
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات