-->
تسجيلات زمان تسجيلات زمان

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كوكب الشرق أم كلثوم غيّرت وجه الغناء في مصر

 

أم كلثوم غيّرت وجه الغناء في مصر

في يوم 3 فبراير سنة 1975 ، غاب عنا جسدها إلى الأبد ، وبقي لنا صوتها الملائكي العظيم ..ذلك الصوت الذي غنّى للحب وللحياة وللجمال ، في الطبيعة والإنسان ، ذلك الصوت الذي عاش معه المتصوفون في صومعاتهم ، والعاشقون في لياليهم الطويلة...
في ذلك اليوم الحزين غابت عنّا أم كلثوم ، التي عشقت وطنها وشدت له بأعذب الألحان ، ولا عجب في ذلك ولا غرابة : فأم كلثوم من نبت هذه الأرض الطيبة ، ولدت في الدقهلية أخصب أراضي مصر وأكثرها عطاءً في عالمي الفن والأدب ، وعاشت في فترة زمنية حفلت بالحوادث الجسام والتحوّلات الخطيرة في تاريخ هذا الوطن ، فصقلتها الأحداث وعاشت بها ولها وفي قلبها حتى أصبحت ثومة – كما كان يطلق عليها الشعب – قطعة حيّة من تاريخنا المعاصر .
وأم كلثوم ، لم تكن مطربة ككلّ المطربات ، بل كانت مطربة من طراز فريد غريب ، لم يسبق له مثيل : فهي عندما جاءت إلى القاهرة في عشرينيات القرن الماضي ، كانت الصالات والبارات تملأ شوارعها ، وكان المطربون والمطربات يقدمون فناً رخيصاً يرضي جنود الاحتلال والعاطلين بالوراثة ، الذين لم يكن لهم همّ سوى إرضاء شهوات الجسد والعربدة .


لم تستسلم أم كلثوم ولم تلتزم هذا النوع من الغناء المنحطّ ، لكنها وقفت صامدة ، تقدّم مع والدها وأخيها خالد التواشيح الدينية .
وعندما دخلت ميدان الغناء العاطفي ، اختارت الكلمة العفيفة الموحية واختارت اللحن الجيد والملحن القادر ، وهذا يدل على مدى عبقرية تلك الفلاحة القادمة من ريف مصر ويدل أيضاً على شخصيتها المتميزة ، تلك الشخصية القوية التي كانت تتفرّد بها أم كلثوم .
كذلك ذكاؤها الفطريّ الحادّ الذي الذي ساعدها على إبراز هذه الشخصية المنفردة في عالم الغناء : لقد قادها هذا الذكاء لتصبح مطربة مثقفة تحسّ الكلمة والجملة الموسيقية معاً، إنها لم تكتف بأن تكون مطربة تردّد كالببغاء ما يلقنها الملحن فحسب ، لكنها درست الموسيقى علمياً على يد أستاذها الشيخ أبو العلا محمد .
وكان الدكتور صبري النجريدي يدرّب صوتها تدريباً علمياً سليماً ، فتعلّمت عنه كيف تبدأ الأغنية وكيف تتنقل فيها من مقام إلى مقام آخر دون أن تخطئ . وبالخبرة تعلمت كذلك ماهي ( الحليات ) التي تقدمها لسامعيها وكيفية هزّ مشاعرهم أثناء غنائها .


باختصار : سبرت أم كلثوم أغوارالأغنية حتّى تمكّنت منها وهي بعدُ في أوّل الطريق ، وهذا هو السرّ في قوّة أدائها والسرّ في طول بقائه غضّا نديّا .



وساعدها القدر فهيّأ لها مجموعة من أساطين الفكر والأدب قلّما اجتمع لمثلها في فترة زمنية واحدة : كانت أم كلثوم تجلس مع العقاد وطه حسين والدكتور هيكل والمازني والبشري وشوقي وحافظ . تستمع لهم وتلتقط وتثير المناقشات الأدبية والخصومة بينهم لتسمع وتحفظ وتقارن ، إضافة إلى رفيق دربها شاعر الشباب أحمد رامي الذي كان له دوره الخاص في تعليمها الأدب العربي وتثقيفها الثّقافة العالية .
أحبّت وطنها وعشقته وشاركت شعبها في أفراحه وأتراحه ..وواكبت أحداث بلدها لحظة بلحظة ..فكما غنت لثورة 1952 وللجلاء ولنصر 1956 وللوحدة المصرية السورية عام 1958 ، كان لها دورها بعد نكسة 1967 ، فتبرّعت من مالها الخاص للمجهود الحربي ، وأقامت حفلات عديدة – داخل مصر وخارجها - تبرّعاً منها لدعم المجهود الحربي و لتكون مثالاً للفنان الأصيل الذي يساهم بما يستطيع في سبيل خدمة قضية شعبه ووطنه .

كاتب الموضوع

تسجلات زمان

0 تعليق على موضوع : كوكب الشرق أم كلثوم غيّرت وجه الغناء في مصر

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات



    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    تسجيلات زمان

    2017