بهيجة حافظ، اسم كبير في تاريخ السينما المصرية، هي أهم رائدات التمثيل والتأليف والموسيقى والإنتاج في عالم السينما فهى أول مؤلفة موسيقية حيث وضعت أولى أسطواناتها في العشرينات من القرن الماضى، وهى أيضا ثانى مخرجة مصرية تقوم بالإخراج بعد الفنانة عزيزة أمير.
ولدت في 4 أغسطس عام 1908 الفنانة بهيجة إسماعيل محمد حافظ الشهيرة بـ بهيجة حافظ بحى محرم بك بالإسكندرية، وترجع أصولها لعائلة أرستقراطية، حيث والدها إسماعيل باشا حافظ الذي كان ناظرا للخاصة السلطانية في عهد السلطان حسين كامل وكان هاويا للموسيقى ويجيد العزف على الآلات الموسيقية وكان إسماعيل صدقي رئيس وزراء مصر في عهد الملك فؤاد الأول من أقرباء والدتها.
عشقت بهيجة حافظ الموسيقى منذ صغرها وساعدها والدها على دراستها فدرست الموسيقى في الأوبرا على يد المايسترو الإيطالى "جيوفانى يورجيزى" ثم سافرت إلى باريس بعد اتقانها للغة الفرنسية لدراسة التأليف الموسيقي، وحصلت على الدبلوم في التأليف الموسيقى، وعادت الى مصر لتؤلف اول مقطوعة موسيقية اطلقت عليها " بهيجة " وأصبحت أول سيدة مصرية تؤلف الموسيقى عام 1926.
بدأت تعلم العزف على البيانو وهى في الرابعة من عمرها وعندما بلغت بهيجة حافظ التاسعة قامت بتأليف مقطوعتين موسيقيتين، اتجهت بهيجة حافظ الى التمثيل وشاركت في بطولة فيلم " زينب" قصة الدكتور محمد حسين هيكل، أول فيلم مصري صامت حتى أنها وضعت الموسيقى التصويرية للفيلم.
وترجع قصة اشتراك بهيجة حافظ في هذا الفيلم حين نشرت مجلة المستقبل التي كان يرأس تحريرها إسماعيل وهبى شقيق يوسف وهبى صورة بهيجة حافظ بالبرقع والطرحة على غلافها كأول مؤلفة موسيقية وفي تلك الأثناء كان المخرج محمد كريم، يبحث عن بطلة لفيلمه الأول (زينب) عام 1926 كأول فيلم صامت، فاختارها لبطولة الفيلم وأمام رفض عائلتها للتمثيل قامت بهيجة حافظ بالمشاركة في الفيلم بدور صغير ووضع الموسيقى التصويرية للفيلم.
وتسبب هذا الفيلم في مواقف مؤلمة وقطيعة من أسرتها لمدة 3 سنوات، كشفت عنها بقولها: «ألفت قطع موسيقية وأنا عندي 9 سنوات، تعرضت للاضطهاد من أسرتي، بسبب فيلم زينب، قعدوا مخاصمني 3 سنين، أهلي قاطعوني وكل الناس في الاسكندرية كانوا مبيسلموش عليا، لما الفيلم اتعرض في الإسكندرية والدتي قالت ودوني أتفرج عليها وأشوف بنتي مشوفتهاش من 3 سنين».
في عام 1925 تزوجت بهيجة حافظ من أمير إيراني ثم انفصلا وعادت بعدها إلى الإسكندرية وبعد وفاة والدها انتقلت للعيش في القاهرة، وفي عام 1930 لتعمل في وضع الموسيقى التصويرية لافلام الضحايا، الاتهام، ليلى بنت الصحراء، ليلى البدوية، سلوى، زهرة السوق، السيد البدوي، وكانت نشطة إلى الدرجة التي جعلتها تُنشىء أول نقابة للمهن الموسيقية عام 1937.
أسست بهيجة حافظ شركة إنتاج مصرية باسم "فنار" وكان أول إنتاجها فيلم "الضحايا" الذي نالت عنه جائزة كبرى من وزارة المعارف المصرية، تبعه فيلم "الاتهام" ثم فيلم "ليلى بنت الصحراء" عام 1937 الذي اعتبر إنتاجه أضخم إنتاج في ذلك الوقت فوصل إلى 18 ألف جنيه، وعرض في مهرجان برلين السينمائي كأول فيلم مصري عربي ناطق، وحصل الفيلم على الجائزة الذهبية، الا ان الملك فاروق منع عرضه في مصر بطلب من ايران لأنه كان يتناول شخصية كسرى الإيرانية ـ حيث كانت شقيقة الملك متزوجة من شاه ايران، مما سبب لشركتها الإفلاس.
في حياتها اتهمت بهيجة حافظ بعض الملحنين ومنهم الموسيقار محمد القصبجى بسرقة ألحانها ومنها لحن اغنية يوم الصفا التي غنتها ليلى مراد في فيلم الضحايا في اول ظهور لها وكذلك اغنية " ليت للبراق عينا " وهى من الشعر القديم،التي قامت بتلحينها في فيلم " ليلى بنت الصحراء " وقدمته بصوت المطربة حياة محمد، في الفيلم الذى قامت بإنتاجه عام 1937 وتقدمت بعددة شكاوى الى جمعية المؤلفين والملحنين تتهم القصبجى بالسطو على ألحانها لمدة 26 عاما مطالبة بحقها في الأداء العلنى.
يعتبر فيلم ليلى بنت الصحراء الذي اُنتج عام 1937علامة مهمة في مشوار بهيجة حافظ، إذ قامت بانتاجه وبطولته إلى جانب تأليف موسيقاه التصويرية وتصميم أزيائه.
وبلغت تكلفة إنتاج الفيلم حوالي 18 ألف جنيه مصري، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لإنتاج تلك الفترة. وقد لاقى الفيلم نجاحًا كبيرًا وكان أول فيلم عربي ناطق يُعرض في مهرجان برلين الدولي وحصل خلاله على جائزة ذهبية.
وبعد ترشيح الفيلم للعرض في مهرجان فينيسيا صدر قرار بمصادرته ومنع عرضه داخليًا وخارجيًا لأسباب سياسية، إذ احتجت الحكومة الإيرانية آنذاك، معتبرة أن الفيلم يسيء إلى تاريخ الفرس، في وقت كان فيه شاه إيران رضا بهلوي متزوجًا من الأميرة فوزية أخت الملك فاروق.
وظلت بهيجة حافظ تسعى داخل المحاكم المصرية لسنوات من أجل عرض الفيلم، وفي عام 1944 تم عرضه بعد تعديل بعض مشاهده وتغيير اسمه إلى ليلى البدوية.
ورغم ما حققته بهيجة حافظ من مجد فني منقطع النظير في شتى ألوان الفنون، إلا أن حياتها انتهت وحيدة مريضة مسنة بعيدة عن الأضواء، حتى اكتشف الجيران وفاتها بعد يومين من حدوث الوفاة في ديسمبر عام 1983.
0 تعليق على موضوع : بهيجة حافظ، رائدة صناعة السينما المصرية التي أغضبت إيران وأسرتها قاطعتها وحرمتها من ابنتها
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات